السبت، 30 يوليو 2011

بوش والصدر والمالكي وشارع حيفا


من الإنصاف القول أن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش لم يكن متسرعا وهو يضع مقاربته الجديدة ويطور استراتيجيته في العراق ، وطبخها على نار إن لم يكن وصفها بالهادئة أم بالملتهبة موضوعيا فإنها واقعيا من النوع التي تستغرق وقتا كافيا لبلوغ الطبخة درجة النضوج والإستواء ، وهذا بطبيعة الحال لا يعني أنها نار لم تكن مستعرة عسكريا وسياسيا ، نعم فقد كانت مستعرة عسكريا في الميدان ( العراق ) ، ولا زالت ،  الدم هو سيد الموقف ويسيل ليل نهار ، وكانت مستعرة سياسيا في امريكا حيث أن السجال بلغ أشده في الإنتخابات النصفية التي دفعت بالديمقراطيين الى زعامة الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ بعد هيمنة جمهورية على مدى إثني عشر سنة ، مما أفقد الرئيس بوش الشيك الأبيض الذي كان يحصل عليه عادة بسهولة على حد قول الزعماء الجدد للكونغرس .

وعلى مدى أكثر من ثمانية أشهر بين 15 مارس 2006 ، تاريخ الإعلان عن تشكيل مجموعة دراسات العراق من عشرة أعضاء ، خمسة من الجمهوريين وخمسة من الديمقراطيين ، عرفت فيما بعد بلجنة بيكر-هاملتون ، وتدعمها أربعة منظمات استشارية متخصصة ، الى 6 ديسمبر 2006 ، تاريخ الإعلان عن تقرير اللجنة العتيدة ، وجد العالم نفسه بأجمعه مهتما بهذا الموضوع ، كل يدلو بدلوه ويخرج ما في جرابه ويفرغ جعبته ، ولابد أن كلا من الإدارة واللجنة لم يغب عن بالهما الجدل المثير الذي دار في مختلف أقصاع العالم خصوصا ما يتعلق بإتجاهات الرأي العام الأمريكي ، وقد شكل  هذا الأخير ضغطا لا يستهان به علبى المعنين بإعادة التقييم والتوصية وأولئك الذي يستوجب عليه أن يتخذوا القرار ، وبعد أن قدمت اللجنة تقييمها ومقترحاتها وتوصياتها إستعجل المراقبون إعلان الرئيس لإستراتيجيته إلا أنه تريث شهرا آخر يحاور ويناقش ويدير الندوات عبر مؤتمرات فيديوية وفي لقاءات مباشرة داخل وخارج أمريكا .
كل هذا يعني أن الرئيس لم يكن متعجلا ولا مستبقا إنضاج المسألة وإعطائها حقها للتبلور والتشكيل ، ولا يعني في الوقت نفسة أن ما أعلنه الرئيس من تصور واستراتيجية يجب أن يحوز على رضا الجميع وقبولهم ، ولهذا فليس من الغريب مثلا أن يبادر الديمقراطيون مباشرة بعد فترة وجيزة جدا لا تكفي لإعادة النظر الى خطاب الرئيس بتمهل وإمعان الى رفض الإستراتيجية وتوعدوا بوضع العراقيل أمامها وإن إعترفوا أنهم حرصا منهم وإنطلاقا من موقف وطني لا يريدون التخلي عن الجندي الأمريكي بقطع الإمدادات عنه وهو في ساحة المعركة وأنهم في النهاية لا يستطيع منع الرئيس من المضي في سياسته الجديدة في العراق .
قبل أن استرسل وأُتهم بأنني من أنصار الرئيس واستراتيجيته ، يجدر بي أن أبين ذلك ، فأنا لست معه ومعها ولا ضده وضدها ، أنا مع العراق ، مع أهلي وناسي ومعاناتهم اليومية ، وهذا هو معيار المعية أو التجافي عندي ، وأبحث عن نقطة ضوء مهما كان النفق طويلا  ، علنا نتمكن على هديها من تلمس طريق الخلاص ، وقطرة ماء مهما كان البئر عميقا ، عسانا نستطيع بها أن نطفئ غليل عانٍ أو أسير أو كليل أو مفجوع ، ولهذا أجد نفسي مرغما بالنظر الى الموضوع لا من زاوية الإعتراض أو القبول وإنما من خلال منظار الراصد وبعين الفاحص .
وبغض النظر عن مدى إستفادة الرئيس بوش من توصيات اللجنة والسجال العالمي حول الموضوع مبتدى ومنتهى ، وهي توصيات استشارية غير ملزمة ، فإن الإستراتيجية الجديدة التي أعلنها الرئيس في كلمة متلفزة ، أشارت الى :
أولا : معطيات أمركية :
                         مثل الحرب الشاملة التي تخوضها أمريكا على الإرهاب  في العراق الذي طالما اعتقد الرئيس بوش أنه جبهة مركزية مصيرية ، وأن الوضع في العراق غير مقبول لديه ولا لدى الشعب الأمريكي ، بل ولا لدى غالبية المجتمع الدولي ، وهذه الأخيرة ليس من الرئيس بوش بل من عندي ، ولكن الفشل في كل الأحوال سيكون كارثة حقيقية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ، وأن نتائج هذا الفشل ستؤدي الى سيطرة المتطرفين ونشر الفوضى في المنطقة وتوظيف قدرات البلاد ، والمنطقة ربما بعد إسقاط الحكومات المعتدلة ، والمنخورة الهيكل والبنيان ( هذه أيضا من عندي ) لشن هجمات أخرى على أمريكا تماثل ما حدث في 11 أيلول 2001، ولهذا فإن على أمريكا أن تنجح في العراق .
ثانيا : معطيات عراقية :
الأمن أولا ، وبغداد في المقدمة وبالأخص العنف الطائفي ( لم يتحدث الرئيس عن الإرهاب في بغداد ، كأن المسألة طائفية بحتة وذلك ليس بمنأى عن الحقيقة ) ، ومعالجة أسباب الإخفاق وعدم نجاح الجهود السابقة لتحقيق الأمن في بغداد ، والعراقيين أولا وأخيرا وحدهم يستطيعون إنهاء هذا الوضع المتأزم الذي يفرضه العنف الطائفي ، وأنهم قد وضعوا خطة فعالة لضمان ذلك ، القادة الأمريكيون راجعو الخطة الجديدة وقالوا أنها قابلة للتطبيق ، ثم أوضح كيف أن الخطة تقتضي تعيين قائد عسكري لبغداد ونائبين له وبأمرتهم 18 لواء للجيش والشرطة ، أرجو أن لا يكون الرئيس تغافل عن الحقيقة التي يرددها الجميع أن هذه الألوية مخترقة من الميليشيات المذهبية التي تغذي العنف الطائفي ، و يود محاربتها بمشاركة رئيس الوزراء العراقي  حسبما اتفقا عليها كما قال ، وهذه مفارقة خطيرة غي قابلة للتطبيق أن صح القول بإختراق الميليشيلت للداخلية والدفاع ، أما إذا غفل عن ذلك فعلا فإنها المصيبة الكبرى ، خصوصا ان المالكي تعهد بأن لا يسمح لأي تدخل سياسي أو مذهبي !! ( طبعا الكل يعلم أن المالكي ليس بالآمر ولا بالناهي في القرار العراقي إلا بشكل محدود جدا ، ويمكنه اتخاذ القرار فقط  طالما كان القرار في مصلحة الكتل التي جاءت به الى كرسي رئاسة الوزراء ، ولا زالت تدعمه ، ثم أن الرئيس أشار بهذا الخصوص أنه قال لرئيس الوزراء والقادة العراقيين بوضوح أن الدعم الأمريكي ليس بلا نهاية وأنهم سوف يفقدون دعم الشعبين الأمريكي والعراقي على السواء ، ولم ينسى بالطبع أن يذكر أن هذه الإستراتيجية الجديدة لن تؤدي الى وقف فوري للعمليات الإنتحارية والهجمات الأخرى .
ولغرض جعل المعطيات على الساحة العراقية أكثر شمولية في الإستراتيجية الجديدة تحدث الرئيس عن عزم العراقيين لتحمل مسؤلية الملف الأمني كاملا بحلول نوفمبر ، وأنهم بصدد تشريع قانون لتوزيع ايرادت النفط ، وقد خططوا  لصرف عشرة مليار دولار لإعادة تأهيل البنى التحتية لبلدهم وتوفير فرص عمل للتغلب على البطالة التي تغذي العنف والطائفي والإرهاب ، وسوف يعاد النظر في القوانين الإستثنائية مثل إجتثاث البعث والدستور ضمن عملية إصلاح لا تستثني أحدا من المشاركة في بناء العراق الجديد .
ثالثا : معطيات المساعدة الميدانية الأمريكية :
قال الرئيس سنغير مقاربتنا لمساعدة الحكومة العراقية على تحقيق هذه الأهداف ، ونرسل أكثر من عشرين ألف جندي الى بغداد والأنبار ،  وأوضح كيف أنهم سوف يقدمون الدعم القتالي والتدريبي للقوات العراقية للقضاء على الإرهاب وبناء جيش قادر على حفظ الأمن ( وكأنهم لم يكونوا يفعلون سابقا !!) ، وسنعمل على وقف التدخل الإيراني والسوري وندمر الذين يدربون أعدائنا في العراق ويزودونهم بالأسلحة المتطورة ، ونقوم بخطوات تعزز مصالحنا في الشرق الأوسط والأمن في العراق ، ليس ذلك فحسب وإنما لطمئنة حلفائنا وأصدقائنا في المنطقة ، ولأجل ذلك سوف نقوم بنشر قوة ضاربة من حاملات الطائرات وأنظمة الباتريوت ، وسنعمل على إصلاح ذات البين بين الحكومتين العراقية والتركية ، وأخيرا قال : سوف نعمل مع الآخرين لمنع إيران من تطوير اسلحة نووية  ، وذكر بأن الإرهاب بلا ضمير ونتوقع المزيد من الخسائر العراقية والأمريكية ولكني أعتقد بأننا أقرب الى النجاح ، ونحن مضطرون للبقاء لتفادي إنهيار الحكومة العراقية وتفكك البلاد وحدوث قتل جماعي لا يمكن تصوره ، وأن ما سوف يجعل عودة جنودنا أقرب هو مساعدة العراقيين لإيقاف دوامة العنف .
هذا إجمال وبتصرف لما تضمنته كلمة الرئيس جورج دبليو بوش وهو يعلن إستراتيجيته الجديدة والتي استقطبت أكثر من أربعين مليون مشاهد ، وإنها في الواقع تغطي معظم مقاربات الأزمة الأمنية والسياسية والإقتصادية والإقليمية ، ولكني  أرى أن العراقيين – وأن مجرد نفر مقهور منهم -  لا ينبغي لنا أن  نقف كثيرا عند ردود الأفعال داخل وخارج أمريكا أو نحوم  حولها  وإنما نقف عند إنعكاساتها المنظورة والمتوقعة على الواقع العراقي المأساوي لأنها وعلى ما يبدو قد دخلت فعلا حيز التنفيذ في شارع حيفا عندما قدمت الحكومة العراقية مشهدا إستباقيا ملفتا للنظر سوف نعود إليه لاحقا هنا .
في الوقت الذي نلاحظ أن معطيات هذه الإستراتيجية لا تدل على قراءة متأنية وعميقة للواقع العراقي وعناصر الأزمة المتفاقمة ، فإن الرئيس بوش إستبق استراتيجيته الجديدة بإجراء جيد تمثل بتغيير كادر إدارة الأزمة عسكريا وسياسيا ، وزير الدفاع ( غيتس محل رامسفيلد ) ، القيادة الأمريكية الوسطى التي تدير الحرب في العراق وأفغانستان ( وليام فالون ، شارك في فيتنام محل جون أبي زيد ) ، قائد قوات التحالف في العراق ( ديفيد بتراوس المكلف سابقا بإعداد وتأهيل القوات العراقية محل كيسي ) ، السفير الأمريكي في بغداد ، ( رايان كروكر _ السفير الأمريكي في باكستان محل زلماي خليلزادة ) ، مساعد وزيرة الخارجية ( إلحاق نغروبونتي ، السفير السابق في العراق ، ورئيس الإستخبارات الوطنية بالعمل مع رايس ، ثم أخيرا وليس آخرا تكليف وزيرة الخارجية لزيارة المنطقة وشرح أبعاد التوجه الأمريكي الجديد ، وكأنه يسحب الملف السياسي من وزارة الدفاع الذي  كان رامسفيلد يستأثر به ، وهذا الإجراء من شأنه أن يتجاوز نزعة مقاومة التغيير ، الرؤى الجديدة تحتاج الى عقول وسواعد جديدة لتتفاعل معها دون رواسب وتراكمات سابقة ، ولكني أعتقد أن التغيير كان  سيكون أكثر فعالية لو أنه شمل الجانب العراقي أيضا ، وإن عدم التغيير هذا ليس إلا دليلا على ما قلنا قبل سطور حول إفتقار الإستراتيجية الجديدة الى قراءة الواقع العراقي بتأني وعمق ، وربما يكون هذا الأمر سببا في إفشال هذه الإستراتيجية أو على الأقل اذا أردنا أن نبتعد عن التشاؤم فإنه قد يؤخر نتائجها وربما يحرف مسارها وقد يعطلها لبعض الوقت أو تماما لكل الوقت ويزيد الطين بلة اذا لم يتم هذا التغيير .
هذه جدلية منطقية لقواعد التوازن الحركي ، في منظومة الحركة هناك عادة محور قائد ومحور مقود يرتبطان بمزدوج تعشيق وتتحكم فيها حسابات دقيقة ، عندما تتغير موصفات أحدهما فقط فإن المنظومة تنفصم بسرعة ، وقد تتحطم . نفس الشيء ينطبق على منظومة العربة ، لن تسير العربة بشكل صحيح عندما تقوم بتصليح أحد الدولابين المعطوبين ، واذا أمكن ذلك جزئيا عليك في هذه الحالة أن تبذل جهدا أكبر وتخسر الكثير من الوقت لتتحرك ، وربما لن يلبث الدولاب المصلح أن يتكسر ثانية  ،  فيضيع المزيد من حمل عربتك . تغيير الرئيس بوش يشبه تغيير قياسات أحد المحورين أو تصليح أحد الدولابين المعطوبين ، والنظام في هذه الحالة لن يعمل بشكل سليم حتما .
لننظر الى الأمر على حقيقته وندع المجاز جانبا ، يقول الرئيس بوش أن العراقيين وحدهم قادرون على إنهاء العنف المذهبي الذي يتركز 80% منه في بغداد ، وأن الحكومة العراقية قد وضعت خطة لذلك ، والواقع هذا نوع من التدليس لأن الحكومة العراقية لا تنظر الى العنف الطائفي بمنظار الرئيس بوش الذي يخيل لي أنه عندما يقول أن 80% منه يتركز في بغداد فإنه يقصد العنف الطائفي الشيعي متمثلا بجيش المهدي وبدر المتغلغلين في وزارتي الداخلية بشكل شبه مطلق ، والدفاع بنسبة أقل نوعا ما ، وتنسب إليها جلّ عمليات القتل والتهجير الطائفي ، في حين أن الحكومة العراقية وأقطاب الإئتلاف الشيعي الذين يعتبرون الحكام الفعلين في البلاد رسميا وميدانيا ينظرون الى المسألة من زاوية أخرى ، فأساس العنف لديهم في بغداد وغيرها هم أيتام صدام والتكفيريون المحليون والقاعدة ، وعندما يحاججون في إقدام الميليشات الشيعية للعنف الطائفي فإنهم يسارعون الى القول أن هذه عبارة عن ردات فعل ، وكأن رد الفعل عملية مشروعة وقانونية ، وهو في الواقع عذر لا يستقيم ولا يمكن أن يكون تبريرا حضاريا وقانونيا ، ببساطة لأنه عبارة عن شرعنة للعنف الطائفي لكلا الطرفين ، ودعوة الى الإستمرار في ردات الفعل هذه وقتل المزيد من الأبرياء ، والتيار الصدري لا يفتأ يكرر أن ليس كل لبس السواد وحمل السلاح وارتكب الجرائم من جيش المهدي وإن هتف باسم مقتدى ورفع صوره ، واذا طلب منهم ، حسنا وليكن ، إذن ننزع السلاح من يد الجميع إلا الدولة ، والدولة في 90 % من منتسبي الشرطة والدفاع منهم  : قالوا الناس مضطرة للدفاع عن نفسها في غياب الدولة القوية التي تكفل الأمن للمواطن وهو مضطر للدفاع عن نفسه ، وهذه في مرارة واقع الحال ليست إلا دوامة من أشد المبكيات المضحكات التي لا أول لها ولا آخر ولا تمشي مع منطق أو عقل ، وفي الجانب الآخر فإن القيادات السنية تدين الأرهاب وتبارك المقاومة الوطنية الشريفة ، لكن المشكلة الأساسية هي عدم وجود حدود فاصلة وواضحة بين ما يمكن أن يكون إرهابا صرفا وما يمكن أن يكون مقاومة محضة ، لا ما يمكن أن يقلل من دور القيادات السنية أنها بعيدة تماما عن دائرة القرار وجل ما تستطيعه هو أن تندد وتشجب وتشتكي وتتوعد .
أما الحكومة العراقية ممثلة بأقطاب الإئتلاف الشيعي ( الأكراد تقريبا ضيوف شرف ) صاحبة الكلمة الفصل فإنها تنظر الى كل من جيش المهدي وميليشيات بدر المتحدة والمتعاونة في بغداد ، والمتناحرة في الجنوب ضمانا راسخا لبقائها ، وسببا لا غنى عنه للمحافظة على المكتسبات التاريخية للأكثرية الشيعية ، فكيف يتصور عاقل أنها سوف تجردها من سلاحها بل وتحاربها ، وهكذا فأن الإعلام العراقي الحكومي والمتحالف في السلطة يردد أن المالكي يسعى الى تحييد جيش المهدي ويطلب منه تسليم سلاحه وهي طروحات تشي بحقيقة نظرة المالكي وأنه لا يرى قطعا تجريد السلاح وإنهاء جيش المهدي الأسوء سمعة بين السنة والمتهم الأكبر في المجازر التي يتعرضون لها ، وكل إدعاء بخلاف ذلك لا يمت الى الحقيقة بصلة على حد قول أحد أقطاب كتلة التوافق .
إختلاف بين بين محوري المنظومة ، وترك عجلة معطوبة ( الحكومة العراقية ) كما هي ، ويضيف  قطب التوافق ولهذا فإن الحكومة العراقية سوف تسعى بكل جهدها لتعطيل عربة التوجه الأمريكي أو على الأقل تحريفها عن مسارها المقصود ، لأنها أي الحكومة العراقية ، ليست طرفا في الحل وإنما طرفا أساسيا في المشكلة الطائفية . وهذا ما جرى في شارع حيفا .
بدون سابق إنذار دفعت الحكومة العراقية بعدد محدود من جنودها ومغاوير الداخلية الى أحد أكثر الأحياء السنية سخونة في بغداد ، شارع حيفا ، الأحياء السنية التي لا توصف بالساخنة تأبى دخول هذه القوات اليها لأنها لا تثق بها ، وتتصدى لها بشراسة ويتكبد الطرفان في الغالب خسائرة ليست هينة ، لإعتقادهم أنها مجرد ميلشيات طائفية تستهدفهم وتعمل على إستئصالهم وطردهم من بغداد ، ولأن تسليح القوة المهاجمة لا يختلف كثيرا عن تسليح الأهالي بسبب محددات الأمركان على تسليح الجيش والشرطة العراقية ، بل يفوقونهم بالتحصين في بيوتهم ، فإن القوة المهاجمة لم تتمكن من إختراق الحي ، أو أنها تقاعست قصدا  لتستنجد بقوات التحالف كما تقتضي خطة المالكي بأن قواته هي التي سوف تقود العمليات القتالية ، ويقتصر دور قوات التحالف على الإسناد ، سارعت إذن طائرات الأف ستة عشر والأباتشي الى قصف الأهالي وكأنهم في جبال تورابورا ، وليسوا في سكن عمودي من البناء الجاهز وحولها عدد من بيوت بغداد القديمة المتهالكة التي يقضمها برد كانون بدون كهرباء ووقود تدفئة أو أية خدمات أخرى .
أرجو أن لا يفوت المالكي أن هذه الطائرات لن تتردد في قصف الأحياء الفقيرة لمدينة الثورة-صدام-الصدر عندما تكتشف أن المالكي جزء من الميليشيات التي تسعى الى إنهائها لأنقاذ نفسه وحزبه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق