السبت، 30 يوليو 2011

العراق الديكتاتوري ) : ( العراق الديمقراطي ) - 4



تلعفر مأساة مستمرة بين مطرقة الإرهاب وسندان الطائفية
  في العراق الديكتاتوري كان الخطاب السياسي والإعلامي بروبجندا موجّه لخدمة أهداف الحزب والدولة وتبني رؤية النظام ، بغض النظر عن واقع الحال ، ولا حاجة الى التأكيد أن النظام كان مختزلا في شخص الرئيس لأن ذلك كان واقعا معاشا ليل نهار حيث  كان أبسط مواطن في الدولة الى أعلى موظف قيادي فيها ، إما يبدأ كلامه بتوجيهات السيد الرئيس القائد  او ينهيه بأنه – أي الرئيس القائد- مصدر الإلهام ولولاه لما كان ما كان .
لم يكن تطابق الخطاب مع ما ما يجري على الأرض مهما بقدر أهمية ضخ  المعلومة والفكرة في أذهان الناس وحشو عقولهم بها ، ولم يكن الأمر غريبا على نظام شمولي . كان نصف العالم الذي يدعى المعسكر الإشتراكي يتبع نفس الطريق ويعتمد ذات الأساليب  لغسل أدمغة شعوبهم  من أي درن إمبريالي أو عميل يخدم اعداء الوطن ، ويزعزع أركان الجنة التي ينعم فيها المواطنون ويرتعون في خيراتها هنيئا مريئا.
هكذا خرجنا من حرب الكويت منتصرين دون اعتبار لما عانيناه وما شاهده العالم ، وكسرنا الحصار الظالم بموت 1.5 طفل ، وهجرة 4 ملايين شخص بينهم إبنتا الرئيس وأولاد عمه أصهاره ، وأثبتنا للعالم بأننا شعب متوحد خلف القيادة بنسبة 100% ، وأخيرا عبرنا الى الضفة الأخرى في 9 نيسان 2003 .
في العراق الديمقراطي الأمور لا تختلف كثيرا ، الخطاب السياسي والإعلامي لا زال في خصام مع الواقع  ولا يرى من الحقيقة إلا نصفها المشوَّه ، عندما تقرأ جريدة الصباح وتشاهد تلفزيون العراقية وتستمع الى الناطق الرسمي لخطة "فرض القانون" ، تقول العراق بخير ويتقدم الى شاطئ الأمان بسرعة الصاروخ ، والأنكى ان العميد الموسوي يستخدم اسلوب الصحاف ، الذي انكر القوات الغازية التي كانت على الضفة الأخرى من نهر دجلة في باحات القصر الجمهوري بينما كان الصحاف في جانب الرصافة المواجه في ساحة فندق الميريديان ، مع الفرق في مستوى المهنية المتدنية للموسوي ، قال الصحاف ، بدأ الغزاة ينتحرون على اسوار بغداد الإعتبارية ، وقال الموسوي أن الأعمال التي تنفذها الجماعات الإرهابية دليل على انها بدأت تنتحر تحت ضربات قواته ، حسنا نقول للموسوي نعلم أنهم ينتحرون ولكن لقتلنا وليس فرارا ولا يزالون يفعلون منذ حوالي أربعة سنوات .
المالكي قال كسرنا شوكة الإرهاب أو سنكسرها قريبا ، وخطة امن بغداد نجحت ويتم الان السيطرة على حدود بغداد لبناء نطاق أمني متين ثم ننطلق الى المحافظات ، اما الإقتتال الطائفي فقد انتهى ، هذا ما قاله المالكي بالحرف .
أما الواقع في بغداد والبصرة والكوت وكركوك والرمادي والفلوجة وأخيرا تلعفر فلا يعكس ما يدعيه الموسوي أو ردده المالكي في كل مناسبة .
 في تلعفر هاجمت الميليشيات الشيعية بدعم من الشرطة بيوت الناس الأمنين وقتلت الأطفال والنساء والشيوخ بعد بضعة أيام من تفجيرات إرهابية قصدت المدنيين الشيعة ، وكانت النتيجة حوالي 300 قتيل وضعفه من الجرحى ، وقائمة الموت قد تزداد لوجود ما يقرب من 100 مفقود ، إما خطفا أو تحت الأنقاض ، الشرطة المتورطين في عمليات القتل الطائفي الشنيعة أطق سراحهم في اليوم التالي ، بالضبط كما كان الحال  قبل خطة بغداد في الحرية وحي الجهاد والأعظمية والفضل وحي العامل والدورة والغزالية والعدل ، حيث قتلت الميليشيات العشرات إن لم نقل المئات بنفس الطريقة وتحت نفس الدوافع  ، في عمليات ثأر طائفية عمياء .
 مسلسل الجثث المجهولة الهوية لم يتوقف ، بمعدلات أقل ولكنه مستمر ، وأمس هزت أنحاء بغداد عشرة مفخات كان نصيب سوق شعبي واحد في حي الشعب 60 بريئا ما عدا الجرحى .
ولأول مرة ، بعد خطة فرض القانون تستطيع المجاميع الإرهابية أن تطال نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية ، وهو أرفع مسؤول يقع ضحية للإرهاب منذ حادثة إغتيال رئيس مجلس الحكم عزالدين سليم قبل حوالي ثلاث سنوات .
ولأول مرة تدخل الهجمات الكيمياوية في فعاليات القاعدة ، في الضلوعية والفلوجة والرمادي .
ولأول مرة تهاجم مجاميع جيش المهدي مقرات حزب الفضيلة وهما من نفس الطائفة ، ويقلدان نفس المرجعية ، وكانت الإشتباكات عنيفة وخطيرة الى حد إعلان فرض منع تجول شامل في المدينة .
ولأول مرة يقتل مسؤول إداري رفيع في الكوت على يد جيش المهدي ، وتوزع مناشير منسوبة له تتهم المحافظ ومجموعة من المسؤولين الشيعة بالعمالة للقاعدة والمخابرات الإيرانية !! .
كل ذلك والخطاب الحكومي يؤكد نجاح خطة بغداد !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق