السبت، 30 يوليو 2011

أشكنازي … الموت بالسلاح الإسرائيلي مهنة عربية .


كلنا يتذكر الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على لبنان في تموز 2006 وأعتقد بأن معظم العرب والمسلمين  والعديد من الشعوب الأخرى ، يصنفونها على أنها كانت حربا قذرة ولاأخلاقية بكل المعايير بما استهدفته من مفاصل حياة المدنيين الآمنين والبنى التحتية والفوقية لبلدهم ومقومات إقتصادهم ، وهي أهداف تحرم المواثيق الدولية والإنسانية استهدافها ، خصوصا أن الحرب لم تأتي حربا استراتيجية شاملة بين طرفين متكافئين أو حتى غير متكافئين ، وأنما كانت عملية عسكرية محدودة ضد مسلحين شعبيين ( ميليشيا حزب الله اللبناني ) أقرب ما تكون الى إجراء تأديبي عبر الحدود وتحرير أسيرين ، فما الداعي الى تهجير مئات الآلاف من السكان وتخريب قراهم الفقيرة  وتهديم أحياء حضرية بكاملها وتدمير الطرق والجسور والمطارات والأبراج السكنية والمؤسسات المدنية التي لم تكن في يوم من الأيام جهدا حربيا لأولئك المقاتليين الشعبيين الذين تسللوا ليلا  وهاجموا عددا من الجنودا طالما ارتكبوا هم أو أقرانهم مجازر بحقهم وحق بلدهم وشعبهم ولا زالوا يحتفظون ببعض إخوانهم أسرى منذ سنين طويلة ، ينطبق على الفعل الإسرائيلي القول العراقي الشائع " نتحزم للواوي بمدفع " ويبدو لي أن القول لا يحتاج الى إيضاح .
كانت فعلا كذلك ، حربا قذرة ولا أخلاقية ، ولكن من ينتظر من إسرائيل إلا حربا قذرة ولا أخلاقية ؟ . ليس هذا موضوعي ، ولا يهمني أن تكون نصرا إلهيا كما يرى السيد حسن نصر الله ولا تأديبا مؤثرا وإثباتا لقدرات جيش الدفاع الإسرائيلي ويده الطولى كما ردده بعض المسؤوليين الإعلاميين والإداريين اليهود الذين ظهروا على فضائياتنا العربية . المهم بالنسبة لي كيف تعاملنا نحن مع نتائج الحرب وكيف تعامل معها عدونا ؟ ، ولأن الحديث في هذا الخصوص ذاته يحتاج الى جهد كبير ، ولست بصدد بذل مثل هذا الجهد ، وإن بذلت فلا أعتقد أن جهدي وبذلي سوف  يرقيان الى مستوى الحدث ومعطياته وإنعكاساته ، ولهذا  سوف أتناول الموضوع من خلال جزئية واحدة بمناسبة استقالة دان حالوتس ، قائد الجيش الإسرائيلي الذي وجهت له لجنة تحقيق مختصة تقصيرا في قيادة العمليات ، إستقال الرجل وقال : من الصعب أن أحصل على ثقة الناس من جديد ، وذهب الى بيته.
الإستقالة بحد ذاتها ليست مشكلة ، اللجنة قامت بعملها ورأت أن قائد الجيش لم يقم بعمله على أكمل وجه واستطاعت صواريخ حزب الله من سلب راحة مستوطنات الشمال ومدينة حيفا وإلحاق بعض الخسائر في المال والحلال والناس ، وإن كانت لا تقارن بالخسائر التي ألحقت بالجانب اللبناني إلا أنها لا يجب أن تحدث وكأن الموت قتلا وبالسلاح الإسرائيلي حصرا مهنة عربية فقط ، لا يجب أن يتعاطاها اليهود ولو واحدا  الى عشرين أو دولارا واحدا الى مليون  ، فما كان عليه إلا أن يرحل لكي يأتي من هو أكفأ منه ، إلا أن المشكلة كانت في إختيار البديل فقد خضع للتدقيق والتمحيص واشترطوا فيه  مواصفات ومؤهلات عالية إضافة الى تلك الموجودة في سلفه ، من يختار ؟ ومن يوافق ؟ وهل أن الذي يختار يمتلك مقومات الإختيار الصحيح ؟ وأخيرا بين العشرات ، بل المئات من الجنرالات المتمرسين إختاروا أشكنازي ، غابي أشكنازي ، ضابط الإحتياط الذي قاتل طويلا في نخبة الجيش ، لواء غولاني ، وخدم طويلا في القطاع الشمالي لإسرائيل وجنوب لبنان ، وكانت له رؤية خاصة تتعارض مع الإنسحاب أحادي الجانب من جنوب لبنان كما تقول الأخبار ، الرجل المناسب في المكان المناسب للمهمة المناسبة .
أما نحن فقد اكتفينا بتصنيف الحرب على أنها نصر إلهي وأضفينا على رجلنا هالة أسطورية من القدرات الفذة والإلهام والكاريزما التي لفتت نظر فناناتنا الجميلات مثلما أفاضت مداد أقلام مفكرينا وكتابنا ، ومثلما استدرت كلمات خطبائنا وشعرائنا  دون أن يدور في خلدنا من أين نهل الرجل كل هذه الملكات والمهارات الخلاقة إلا من خلال النفحات الإلهية والتسديد الرباني وملأنا أنفسنا ثقة بأننا عن قريب سوف نهزم هذا العدو المتغطرس بعد أن زعزعنا أركانه ونخرنا أسسه .
وأخيرا  أنا على يقين بأن إختيار قائد الأركان في أي جيش عربي لن يكلف صاحب القرار أكثر من ثواني أو لنقل وقتا يسيرا جدا يصدر خلاله فرمانا بتعيين فلان الفلاني بغض النظر عن جميع مؤهلاته ،  أللهم إلا ولاءه المطلق الأعمى للقائد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق