السبت، 30 يوليو 2011

في التفاصيل تكمن الشياطين !!!


 

                 طبقات الأزمة اللبنانية
   لا يعتقد أحد أن السيد عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية  نجح في مهمته ، وهو ذاته يعلم أكثر من غيره أنه لم ينجح ولكنه تفادى التصريح أو حتى التلميح بذلك ، إلا أن كلامه كله في مؤتمره ختام جولته الثانية في لبنان كان يشي بذلك رغم حصافته الدبلوماسية المعهودة ، فهو قد حذر من نوايا التصعيد لدى البعض ، واعتبر الوضع خطيرا ، وأشار الى قدر كبير من عدم الثقة بين الفرقاء المتخاصمين  . كانت نبرته على العموم هادئة يشوبها قدر لا بأس به من الإحباط ، قال الرجل هناك إطار واضح للحل برؤى شاملة وأجندة محددة وليس على اللبنانيين إلا أن يتفقوا عليها ، وكأن لسان حال يقول فلماذا لا يتفقون عليها ، ويقول المتابعون لتطورات جهود الجامعة العربية أن عمرو موسى وضع برنامجا لحل الأزمة على مرحلتين ، الأولى : تشمل المحكمة الدولية ، توسيع الحكومة   و باريس  3  ،  أما  الثانية :  فتهدف الى وضع قانون إنتخابي جديد وإنتخاب رئيس جمهورية جديد وإنتخابات نيابية جديدة ، إنها سلة أو حزمة متكاملة إعتبرها موسى أهم  إنجازات جهود الجامعة العربية  ، الآن هناك مائدة عليها وجبة كاملة ، هكذا وصفها موسى في مؤتمره الصحفي الأخير قبل مغادرته لبنان دون أن يذكر أنه عائد خلال أيام لمتابعة جهود الحل وإنما ترك ذلك لتطورات الحالة اللبنانية التي بدأت تتحول الى نفق مظلم  ، وإذا كان دخول هذا النفق تتحكم فيه  شياطين التفاصيل فإن السيد الأمين العام لم يتحدث عن الملائكة التي قد تخرج الأزمة من نفقها المظلم .
          بطريقة أو أخرى أثنى السيد موسى على مواقف الجميع وهو بالتأكيد ثناء مجاملة ، وإلا فما قيمة ثناء يفشل في جمع الأشقاء على طاولة الحوار  ، لم يتحدث عن إعتراضات محددة ولكنه أوضح أن هناك مقترحا مقبولا من الجميع لكل عقدة من تفاصيل الأزمة  ، إلا أن  في كل واحدة من هذه المقترحات  نقاط صغيرة تمنع الإتفاق ، وهذا بالذات يعني أن الفرقاء لم يتفقوا على أي شيء ، ماذا يعني  وجود سلة ملأى أو مائدة جاهزة ولا يقترب منها أحد ؟ الجواب لا شيء ، فهل نحن أمام أتهيار عام ؟ لا أحد يريد ذلك ، ولا أحد سوف يستفيد من ذلك ، الكل سوف يخسر ، كل الفرقاء يقولون  هذا  الكلام  ويعلنوننه صباحا ومساءا ولكن لا يبدو أن الكل مقتنعون بهذا الحقيقة ، عندما وضعت الأسئله السيد عمرو موسى في زاوية حرجة وهو قلما يقع في مثل هذه الزوايا مما يدلل على إحساسه العميق بخطورة الأزمة ، قال ما مفاده : أنا أشبه المسألة اللبنانية ببناية من عدة طوابق ، طابق لبناني ، طابق عربي ، طابق إقليمي ، طابق  دولي ، وقد تركزت جهودنا على الطابقين اللبناني والعربي وقد حصلنا على الدعم اللبناني والعربي بشكل تام ، وأكد مرارا أن الموقف العربي يدعم مبادرة الجامعة العربية ويؤيده ، ولكنه لم يوضح إذا كان الموقف العربي طابقا واحدا أو طابقين ، ولماذا ظهرت عراقيل بعد عودته من سوريا وبرزت على السطح مشكلة التزامن بين قضية  إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي  في مجلس الأمن وتوسيع الحكومة وفق  ما تريده المعارضة .
         ثم إذا كانت الأزمة لم تجد حلا في الطابقين العربي واللبناني فهل يعني أن الحل يكمن في الطابقين الإقليمي والدولي ؟ ، وأن الأزمة فعلا عبارة عن صراع مصالح بين الطابقين المذكورين كما يتهم الفرقاء اللبنانيون بعضهم بعضا ، أم أن المشكلة الأساسية في تشخيص الطابق العربي ، الذي يعلم الجميع أنه طابقين وليس طابقا واحدا كما قال عمرو موسى ، هذا ما سوف يتبين في قابل الأيام ، خصوصا أن السيد موسى قال أن الدول العربية تنتظر ما أسماه التقييم ، وأنه بات الآن على إطلاع تام على مواقف كافة الفرقاء ، إذن هي طوابق وصراع مصالح ولبنان هو الذي يدفع الثمن ، الطابق الإقليمي ( ايران بطبيعة الحال ) يموج بتوتر شديد مع المجتمع الدولي حول الملف النووي ، وربما لهذا السبب وليس بسبب الأعياد أجلت أطراف المعارضة ووعدت بالهدوء ، حتى السيد مقتدى الصدر في العراق أجل قراره بالعودة الى العملية السياسية الى ما بعد الأعياد ، هل الأمر ينتظر تطورات الملف النووي الإيراني فيمتد الهدوء اذا تحلحل ويتصاعد اذا تأزم ، ومن نافل القول أن المعارضة هنا حزب الله ، أما الآخرون ( عون – فرنجية ) فمسافرون على مركب المعارضة لأهداف لا علاقة لها بأهداف حزب الله ، ولكنها فرصة للنيل من أولئك الذين بذلوا كل جهودهم لقطع طريق بعبدا على الأول ، وللتشبث بالبعد الإستراتيجي السوري لفرنجية ..وإلا فماذا يفعل فرنجية اذا ظهر فجأة ولبنان خالٍ من النفوذ السوري ؟!.
* كتب في 23 / 12 / 2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق