السبت، 30 يوليو 2011

جبهة المعتدلين : أسم على غير مسمى


بدءأ هناك تناقض فاضح بين اسم الجبهة وأسماء الأحزاب المنضوية تحت لوائها ، حزب الدعوة والمجلس الإسلامي العراقي الأعلى حزبان دينيان مذهبيان متطرفان شأنهما شأن كافة الأحزاب الدينية التي تدعي التسامح والإعتدال ( وهي بالمناسبة رسالة الأديان ) وتمارس القمع والإضهاد والإلغاء وإقصاء الأخر لقناعتها أنها تمتلك الحقيقة ، وتقريبا هذا ديدن الأحزاب عموما ، إذ لولا قناعتها بامتلاك الحقيقة لما اجتمعت في كيان حزبي ، ولكن الفرق أن الأحزاب الدينية تؤمن بضرورة التحاق الآخرين بها وإلا فمصيرها القتل أو غياهب السجون على الجواز وثواب الجهاد  ، أو في أقل تقدير الطرد والنفي ، كل ذلك في الحياة الدنيا ، أما في الآخرة فللأحزاب الدينية جنات الخلد ونعيمها وللآخرين عذاب جهنم ولهيبها ، بينما الأحزاب الأخرى ، ونستثني هنا الأحزاب الشمولية غير الدينية التي تلتقي معها في النظرة والرؤى فيما يخص إمتلاك الحقيقة وإلغاء الآخر ، الأحزاب الأخرى التي تؤمن بالديمقراطية فإنها وإن ادعت إمتلاك الحقيقة ونسبت الى عقيدتها الصواب فهي لا تصادر رؤى الآخرين ونظرتهم الى الحياة وتحتكم الى الشعب للحكم بين الطرفين .

يزيد من تطرف هذين الحزبين الدينين أنهما مذهبيان ، والمذهب ينطوي على صورة من الغلو في الدين يجلب ما يفوق ادعاء الحزب الديني ، هنا الحزب المذهبي لا يكتفي بالغاء وإقصاء الأديان الأخرى وإنما يقصي كذلك  الذين لا يسيرون على هواها ومذهبها من المنتمين الى نفس الدين .
من جانب آخر هناك الحزبان الكرديان ، وهما حزبان ينتميان الى فصيلة الأحزاب الشمولية العلمانية ، عنصريان ،  والى حد ما شوفينيان ، أنظر كيف أن الحزبين قد ألحقا الإنتماء الكردي الى إسميهما ، فهذا الحزب الديمقراطي "الكردستاني" ، وذاك الإتحاد الوطني "الكردستاني" ، وكان من مآخذ المعارضة العراقية وخصوصا الكردية أنها كانت تتهم حزب البعث بالشوفينية وتشير الى أن حزب البعث عنصري يسمي نفس حزب البعث العربي الإشتراكي ويعمل من أجل بعث العروبة لا غير ، هنا اريد أن أوضح ، ولو أن الأمر لا يحتاج الى ايضاح ، أنْ ليست التسمية فقط هي التي تضع الحزب في خانة العنصرية والشوفينية  وإنما ممارسات الحزب وسياساته ، وقد أثبت الواقع أن كل الأحزاب الموجودة على الساحة العراقية الآن ، أو لنقل أغلبها الأعم ، ليست دون حزب البعث العربي الإشتراكي في سياساته وممارساته القمعية والشوفينية والشمولية .
هذا بدءاً ،أم سرداً في شأن تحالف المعتدلين الذي يخالف جوهره مظهره ، فيمكن القول أن التحالف الجديد تقهقر عن مسار المصالحة المتعثر أساسا  . من المتفق عليه تقريبا أن علة النظام السياسي الجديد الذي أقامه الإحتلال وسوف يقعده متى شاء وفقا لمدى تطبيق أجندته ، أو على الأقل قد يتركه فجأة في مهب الريح وينسحب ، أن علة هذا النظام تكمن في بنيته المقامة على المحاصصة الطائفية والعرقية مما تسبب في تمزق نسيج الشعب العراقي وتصدع صرحه الإجتماعي وتفتيت وشائجه التاريخية ، حتى أصبح الشيعي الذي جاور أخاه السني  لمئات السنين لا يتورع عن قتله وتشريده والإستيلاء على حلاله والعكس صحيح ، ولهذا أو أن لا توانى العربي على قتل أخيه الكردي في الموصل ويشرده ويستولي على حلاله مع أن هذا الكردي كان في الغالب متحالفا مع العربي في محاربة بني قومه على مدى عشرات السنين .
ولهذا فإن اساس المصالحة التي ينادي بها الجميع وتدعي القيادات السياسية أنها تعمل مخلصة من أجله هو إزالة أثار المحاصصة الطائفية والعرقية وإعادة اللحمة الى ما تبقى من شظايا الوطن تحت عباءة وطنية بعيدا عن التسميات المقيتة مثل الإئتلاف الشيعي والتحالف الكردستاني والتوافق السني والجبهة التركمانية والكلدوآشورية وهلم جرا ، وهي التسميات التي شقت خنادق متمترسة متحاربة بلا هوادة منذ أربعة سنين ، بينما الجميع ينتظر ذلك فإذا بالحكومة تضيف الى المحاصصة الطائفية والعرقية إصطفافا طائفيا وعرقيا تحت ذريعة الديمقراطية والأكثرية ، والمتمترسون الجدد أول من يعمل أن العراق لا يحكم بأكثرية الديمقراطية وإنما بتوافق الوطنية الديمقراطية ، والدستور العراقي الذي وضعه المتمترسون الجدد يقول أن جميع أطياف الشعب العراقي يجب أن تشارك في حكم البلد ، بل أن الرئيس العراقي نفسه أعلن قبل أسابيع من إعلان الجبهة العتيدة  أن العراق لا يمكن أن يحكم بمعزل عن أي من مكوناته الأساسية .
وبهذا  فإن الجبهة نكوص عن المصالحة ومخالفة للدستور إن تشبثت  بالحكم وميل فاضح نحو التطرف يلغي أحد أهم مكونات الشعب العراقي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق