رغم أن مقومات ومؤهلات تسنم المناصب والأدوار الحساسة في النظام السابق كانت تخضع لعملية غربلة صارمة على أساس عرقي وطائفي وحزبي ، بل وأحيانا مناطقي ، وهي معايير كانت تدرج تحت عنوان الولاء الوطني ، فإن العديد من الشيعة والأكراد تمكنوا من الحصول على إمتيازات كثيرة وتقلدوا مناصب حساسة على مختلف الأصعدة وكان لهم تأثير حيوي على مسيرة النظام وبناء الدولة .
حسين الشهرستاني واحد من هؤلاء ، فرغم تبعيته الإيرانية تمكن من الحصول على دكتوراه في الكيمياء النووية من فرنسا عن طريق بعثة حكومية ، وقد اسهم ضمن مجموعة مختارة من العلماء والباحثين الشباب الذين حرص النظام على تنشئتهم وتأهيلهم علميا وأكاديميا ، لم يكن الشهرستاني أبرزهم بالتأكيد ..أسهم في تطوير وتفعيل البرنامج النووي العراقي الذي توج ببناء مفاعل تموز الشهير الذي دمرته إسرائيل في غارة صاعقة باغتت الدفاعات وأجهزة الرادار بالرغم من موقعه الحصين جنوب بغداد في منطقة المدائن ( سلمان باك ) ،.
في العام 1979 تم اعتقاله الشهرستاني لثبوت علاقتهِ بإيران من خلال انتمائهِ لحزب الدعوة حينما درس في فرنسا ، وبعد الغارة الصهيونية على مفاعل "تموز" في بغداد عام 1981 ، أثبتت التحقيقات بما لا يدع مجالا للشك أن الشهرستاني كان مصدرا لتسريب المعلومات الى إيران ومن هناك وصلت الى اسرائيل بطريقة أو أخرى ، حيث لاحظ المحققون أن الغارات الإسرائيلية استهدفت مواقع لا يطلع عليها إلا القليل من خبراء البرنامج ومنهم الشهرستاني . .
ادين الشهرستاني بالخيانة العظمى وحكم عليه بالإعدام وفق المادة 156 من قانون العقوبات العراقي ولكن الحكم تم استبداله بالسجن المؤبد لدوره السابق في العمل البحثي للبرنامج النووي العراقي ومن ثم أعيد الى بيته على ان يكون تحت الاقامة الجبرية . استطاع الشهرستاني مغادرة العراق الى ايران في شباط 1991أثناء الإضطراب الذي أعقب حرب عاصفة الصحراء ليلعب بعدها دورا هاما مع د. أحمد الجلبـــي رئيس المؤتمر الوطني العراقي المعارض في إقناع أمريكا والغرب بخطور البرنامج النووي العراقي وإمكانية حصوله على أسلحة التدمير الشامل أو أنه حصل عليها بالفعل . ظهر حسين شهرستاني وقتها في مقابلات تلفزيونية أعدتها البي.بي.سي البريطانية حول نشاطات العراق النووية وادعى أنه حرم صدام حسين من إمتلاك القنبلة الذرية وفضح نشاطاته وخططه أمام الرأي العام الغربي ليكون على يقظة بعد هروبه الى إيران ومن ثم الى الغرب ، وكان يصف نفسه مبالغا كأنه أبو المشروع النووي العراقي وفي إحدى المقابلات أعرب عن اشتياقه الى كربلاء وليس الى بغداد .
تسلل حسين الشهرستاني بهدوء الى مراكز التأثير بعد إنهيار نظام صدام معتمدا على هذا الإرث المتميز بارتباطاته مع ايران والغرب وكان أول دور اسند إليه هو ترؤس لجنة خاصة بإيعاز من المرجع الكبير علي السيستاني وكًّل إليها إعداد قائمة الإئتلاف العراقي الموحد الشيعية المتكونة من سبعة قوى رئيسية ، وترأس الشهرستاني كتلة المستقلين فيها لخوض أول إنتخابات تشريعية من نوعها في العراق ، وكان بعد الإنتخابات من المرشحين لتولي منصب رئيس الوزراء إلا أنه استبعد على ما يبدو مخافة تسليط الضوء المباشر على الدور الإيراني في العراق ، وينقل عنه انه هو الذي اعتذر عن قبول المنصب ورفض أي منصب في حكومة الجعفري ، إلا أنه سئم الجلوس بعيدا عن الأضواء وأصر هو والمالكي على حقيبة وزارة النفط ، بل ان الأخير ضحى بكتلة حزب الفضيلة ( 15 عضو في البرلمان ) التي كانت تطلب هذه الوزارة لما لها من نفوذ في مدينة البصرة التي تحتوي على ما يقارب من نصف الأحتياطي العراقي من النفط ، وكانت المصلحة الوطنية تقتضي ان يستمر حزب الفضيلة في الأحتفاظ بحقيبة النفط بسبب ذلك وما قد ينتج من وضع ايجابي للسيطرة على إدارة المنشآت النفطية الوحيدة التي تعمل في العراق حاليا ومنذ سنوات ما بعد صدام ، إلا أن حسابات المالكي والشهرستاني كانت في اتجاه آخر.
يتفق خصوم الشهرستاني مع العديد من المراقبين المحايدين أن أسوء الوزارات إداءا في حكومة المالكي هي وزارة النفط ، فقد ارتفع سعر مختلف أنواع الوقود الى عدة أضعاف بسبب شحتها رغم رصد مبالغ كبيرة لإستيراد المشتقات النفطية ، حيث فشلت الوزارة في السيطرة على عمليات التهريب والفساد والإتجار غير المشروع ، ولا يجد السكان في كافة مناطق العراق وبالأخص بغداد سببا لتوفر هائل للوقود على الأرصفة وبالقرب من محطات التعبئة والتوزيع بأضعاف السعر الرسمي دون تدخل من وزارة النفط ، فضلا عن أنها فشلت في حل مشكلة العدادات عل منافذ التصدير ولا تزال العملية تجرى يدويا تحت رحمة وضمير العامل أو المسؤول الذي يكون غالبا أميا أو جاهلا متعلما ، ومن أنكى المصائب أن الشهرستاني والمالكي وجميع القيادات الجديدة في العراق السنية والشيعية والقومية غضت الطرف تماما عن استحواذ ايرن على حقول مجنون وسرقة النفط العراقي منذ وقت مبكر لسقوط عدوها اللدود صدام حسين .
بدلا من التغلب على هذا الوضع الشاذ والحد أو على الأقل التقليل من آثاره رفع الشهرستاني عقيرته ضد عقود اقليم كردستان منددا ومتوعدا الشركات الأجنبية بأوخم العواقب وهو كما يعلم الجميع نمر من ورق فالمحتل يتحكم تماما في عقود تداول النفط العراقي استخراجا وبيعا وتصديرا واستيرادا ، بل أنه استعدى دول الجوار على مواطنيه الأكراد وهو لا يدري أن دول الجوار سوف تبيعه بسهولة عند حصولها على تسهيلات نفطية من الأكراد وان كانت أغلبها تعاديهم ، وكان الأحرى بالشهرستاني في هذا الخصوص أن يسعى الى تشجيع الإستثمار في مناطق الأكراد العراقية بسبب الوضع الأمني المستقر الذي يستدرج المستثمرين لتضخيم الصادرات ويسعى بدل الإعتراض الى ضمان وضع ايراداتها في خزينة الدولة والعمل على توزيعها بالتساوي بين المواطنين كما يؤكد الأكراد في كل مناسبة ، يبدو أن هذه المسألة لا تخطر على بال الشهرستاني من قريب أو بعيد .
أمس نقلت العديد من الجرائد العراقيه تصريحا غريبا للشهرستاني بعد زيارة ميدانية الى منطقة مجنون يبرئ فيها ايران من استغلال الحقول وينفي تجاوزها نفيا قاطعا ، وهو ما يعرف نقيضه القاصي والداني .
اليوم نقلت جريدة الصباح ، وهي الجريدة التي تشرف عليها الحكومة أن حرس الحدود الأيراني منع فريقه عراقيا مختصا من العمل في الحقل وان مصادر مطلعة في شركة نفط الجنوب كشفت أن الجانب الأيراني يستغل الحقل على حساب العراق وهو من أكبر الحقول المنتجة للنفط الخام إلا أن الشهرستاني يقول على لسان الأيرانيين أن ذلك حدث بسبب إختفاء معالم ترسيم الحدود جراء الفيضانات !! ويؤكد الخبر ان حرس الحدود الأيراني منع العراقيين من العمل في الحقل منذ عام 2003 ، وان المستفيد الوحيد من الحقل هو الجانب الأيراني.
أي أجندة تنفذ يا شهر . أس . تاني ؟
فيما يلي نسخة طبق الأصل من الخبر الذي ورد على الصفحة الأولى من الجريدة الرسمية مع الرابط لمن يريد العودة اليه في المصدر
(إيران تستغل حقلا نفطيا مشتركا و تمنع الفنيين العراقيين من تأهيله
الشهرستاني يؤكد إبلاغها بالحادث
بغداد - طارق الاعرجي : اكد وزير النفط الدكتور حسين الشهرستاني حدوث احتكاك حدودي بين فنيي النفط العراقيين وحرس الحدود الايرانيين الذين منعوا الفنيين من عمليات تأهيل حقل ابو غرب الشمالي المشترك بين البلدين في محافظة ميسان الذي تستغله ايران حاليا على حساب العراق.وكان وزير النفط قد نفى خلال زيارته لحقول مجنون في محافظة البصرة استغلال الجانب الايراني لهذه الحقول.وافاد الشهرستاني في تصريح لـ(الصباح) لقد حصل احتكاك بين الفنيين العراقيين وحرس الحدود الايراني بعد منعهم من اجراء عمليات تأهيل حقل ابو غرب الشمالي المشترك بين البلدين في محافظة ميسان، منوها بان الجانب الايراني اكد حدوث هذه الحالة نتيجة اختفاء معالم ترسيم الحدود بين البلدين من جراء السيول التي شهدتها المنطقة، حيث طالب الجانب الايراني بوضع علامات واضحة تحدد المعالم الحدودية بين البلدين.واضاف ان وزارة النفط فاتحت نظيرتها الخارجية بهذا الموضوع وتم تشكيل لجنة مشتركة لتوضيح معالم الحدود بين البلدين من جديد، وان الملاكات الفنية والهندسية التابعة لشركة نفط الجنوب ستعاود نشاطها لاستثمار هذا الحقل من جديد للاسهام في زيادة طاقة العراق الانتاجية من النفط الخام.الى ذلك كشفت مصادر مطلعة في شركة نفط الجنوب ان الجانب الايراني استغل حقل ابو غرب الشمالي في ميسان على حساب العراق.وقالت المصادر في تصريح خاص بـ(الصباح): ان الحقل يعد من اكبر الحقول المنتجة للنفط الخام في ميسان وهو حقل مشترك مع ايران وبسبب الحرب بين البلدين في ثمانينيات القرن الماضي اهمل النظام السابق هذا الحقل وبعد سقوط النظام في 2003، حاولت هيئة نفط ميسان استثمار الحقل الا ان حرس الحدود الايراني منع العاملين والفنيين في الهيئة من الوصول اليه.واوضحت المصادر ان اهمال الحقل وعدم استغلاله عراقيا يعد فرصة ضائعة لتعزيز الانتاج النفطي، وان المستفيد الوحيد منه حاليا هو الجانب الايراني، حيث يستخرج النفط منه بشكل طبيعي على حساب العراق الذي منع من استغلاله. ) .
http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=57468
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق