السبت، 30 يوليو 2011

جونستون والمدهون : ثنائية حماس السوريالية



كما هو معروف آلن جونستون هو مراسل البي . بي . سي المخطوف من قبل جماعة جيش الإسلام المتشددة الناشطة في قطاع غزة ، وتم تحريره قبل يومين من قبل حماس وأعيد إلى أهله معززا مكرما مشفوعا بالكثير من الحفاوة من لدن قيادتها  وذلك على يد كتائب القسام ، جناحها العسكري ، وأفراد القوة التنفيذية وهي ميليشيا مسلحة أخرى لحماس دفعها الى واجهة الأحداث سعيد صيام وزير الداخلية في حكومة إسماعيل هنية الأولى لتكون ذراعه الضاربة في وجه أفراد الأمن الوطني وأمن الرئاسة الفلسطينية التابعين في غالبيتهم العظمى الى فتح وظلوا يشكلون  عصب القوى الأمنية منذ تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية  ، وكانت القوة التنفيذية  محط نزاع كبير بين الرئاسة والحكومة الى أن وصل الأمر الى ما وصل إليه من إقتتال .

أما سميح المدهون فهو قائد ميداني ( البعض يعتبره القائد الفعلي ) لكتائب شهداء الأقصى الفلسطينية التابعة لحركة فتح وهو ينتمي إلى عائلة مهاجرة من أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 ، سكان شمال قطاع غزة مشروع بيت لاهيا ، فشلت أربعة محاولات إسرائيلية لقتله ، قتل على يد أفراد من كتائب القسام والقوة التنفيذية  التابعتين لحماس شر قتلة خلال الإقتتال الفلسطيني الفلسطيني الأخير الذي بلغ ذروته في الصفحة التي أسمتها حماس وحكومتها  بعملية تطهير غزة من العملاء والمتصهينين ، واعتبرتها فتح ورئاستها إنقلابا دمويا على الشرعية وأدى الى عزل هنية وحكومته وتشكيل حكومة طوارئ ، وفصل واقعي بين الضفة الغربية وقطاع غزة ، ولا يبدو في الأفق بوادر حل سلمي قريب في ضوء رفض الرئاسة إجراء أي حوار مع حماس قبل الإعتذار للشعب الفلسطيني وإعادة كافة المؤسسات الحكومية الى وضعها السابق قبل الإنقلاب وحل القوة التنفيذية ، بينما حماس تتصرف وكأنها أصبحت دولة بذاتها وتتحدث عن نجاحها في فرض الأمن والقانون الذي كان على ما يعنيه الكلام ، غير ممكن في ظل حكومة الوحدة الوطنية وشراكة فتح .
في تعليل  السر وراء تمكن حماس من إطلاق آلن جونستون الآن فقط بعد إقالة حكومة هنية وليس خلال فترة صلاحيتها التنفيذية  في الحكم ، أجمع قياديو حماس والمتحدثين بإسمها في الداخل والخارج أن التخلص من أمراء الحرب ( يقصد بهم الفتحاويون أو المتآمرون من الفتحاويين ) أدى الى رفع الغطاء عن عصابات الخطف ( ضمنا نفهم أن جيش الإسلام الذي كان يخطف جونستون من هذه العصابات )  التي كانت تحظى بحماية أمراء الحرب هؤلاء ، وبالتالي أستطاعت الأجهزة الأمنية التابعة لها من ممارسة عملها بصورة صحيحة ، وهذا يفترض  وجود تحالف أو على الأقل تعاون بين الفتحاويين المتصهينين الذين قتلهم حماس وطردتهم وبين " عصابة " جيش الإسلام ، طبعا لم يمن علينا الحمساويون كيف لمتصهين أن يتحالف مع مجموعة دينية متشددة تتبنى طروحات القاعدة وما يسمى بالسلفية الجهادية التي تروج لها القاعدة وتدعو لها ، وكانت من جملة شروطها للإفراج عن جونستون إطلاق سراح ساجدة الريشاوي ، الإنتحارية التي خذلها صاعق التفجير في حزامها الناسف في سلسلة تفجيرات عمان العام الماضي ، والتي تبنتها قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين تحت قيادة الأردني الأصولي الأشهر أبو مصعب الزرقاوي ، إضافة الى أبو قتادة وهو من دعاة السلفية الجهادية ومعتقل في لندن بتهم الإرهاب ، ولغرض إضفاء بعض المنطق على هذه الإشكالية صرح مصدر مسؤول من حماس للشرق الأوسط اليوم الخميس : أن أفراد من عائلة دغمش من منتسبين فتح العاملين في الأجهزة الأمنية كانوا يرعون أفراد آخرين من نفس العائلة ينتمون الى جيش الإسلام ويخطفون جونستون وكأن الأمر من النزاعات العشائرية !!.
قال خالد مشعل من دمشق : إن إطلاق سراح الأسير جونستون كان بدوافع شرعية وأخلاقية وإنسانية ، أما هنية فقد قال : أن إطلاق سراح جونستون شرف لكل الفلسطينيين . وفي الواقع ، إن تحرير أسير بغض النظر عن الدوافع والأغراض شرعي وإنساني وأخلاقي وشرف .
بالمقابل فإن سميح المدهون وقع أسيرا في يد مقاتلي حماس مع العشرات الآخرين من مقاتلي فتح ، وهم أسرى بكل المقاييس لآن فتح وحماس كانوا في حالة حرب حقيقية أودت بحياة ما لا يقل عن 600 شخص ، وهو عدد يفوق ما قتلته إسرائيل خلال الإنتفاضة الثانية منذ أكثر من ثلاث سنوات ، وبالتالي فإن اتهامه بالقتل والتنكيل يسري على المقاتلين من الطرف الآخر ، لقد كانوا في حرب قذرة .
 لقد تم إلقاؤهم مقيدين من أعلى البنايات وسحلوهم في الشوارع بطريقة بشعة ،  وأنا أفترض أن قادة حماس وهم يؤيدون هذه الأعمال ويسمونها تحريرا وتطهيرا قد قرأوا بالتأكيد حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أو سمعوه على الأقل  : إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ، أو كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام ، ويبدو أنهم على علم بالدوافع الشرعية والإنسانية والأخلاقية والشرف كما قال مشعل وهنية بمناسبة إطلاق سراح جونستون .
لقد نقل تلفزيون الأقصى التابع لحماس على الهواء عملية سحل المدهون وهو جريح مدمى الصدر ممزق الثياب بيد مجموعة من المسلحين المتلفعين بالسواد والهمجية ، ترافقهم مجموعة من الغوغاء ثم رشقوه بوابل من الرصاص لينتقل التلفزيون مباشرة الى نقل الآذان : ألله أكبر .
أليس هذا ذروة السوريالية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق