السبت، 30 يوليو 2011

إغضب صديقك المالكي


لطالما أُعجبت ببيتين من الشعر لم أعرف قائلهما ، أو بالأحرى لم أحاول التعرف عليه لأن لسان الحال أحيانا يغني عن معرفة صاحب المقال .

يقول الشاعر :
 إِغْضِبْ صَدِيْقَكَ تَسْتَطْلِعْ سَرِيْرَتَه          لِلْسِرِّ نَافِذَتَانِ : السُّكْرُ والغَضَــــبُ
 مَا صَفّحَ الحَوْضُ عَمَّا فِيْ قَرَارَتِهِ           مِنْ رَاسِبِ الطِّيْنِ إِلاّ وَهُوَ مُضْطَرِبُ
marmyولا بد أن كثيرا منا قد شهد ما ينطبق عليه البيتان الآنفان ، فكم من صديق يقلب عليك ظهر المجن ويغلق دونك الباب اذا مسسته بعارض أو دست له على طرف بقصد منك أو بدون قصد ، وكم من أخ درب تحسبه توأما لك دون أن تلده أمك ثم أنه لا يحفظك في غيب ولا يقيك في شهود ولا يلبث في سكر مادي أو معنوي أن يلفظ سمومه اتجاهك .
المالكي وجيش المهدي  خير دليل على حكمة الشاعر.
ظهر المالكي أمس على قناة العربية في ساعة حوار  كادت أن تقتصر على العلاقة بينه وبين جيش المهدي ، وفي الواقع فإن هذه العلاقة استحقت وتستحق أن تكون محورا للحديث ، كيف لا وهي التي صرفت جهود المالكي وقوات " التحالف" عن مقاتلة القاعدة ، المهمة الكيرى والهم الأعظم ، لتنصب جهودهما ( المالكي والتحالف ) على مهاجمة  البعض من أكثر الأحياء العراقية الشعبية بؤسا وفقرا في البصرة وبغداد بحجة مطاردة العصابات المارقة التي تنتحل الإنتساب الى " جيش الإمام " وتدعي الإنضواء تحت عبادة الصدرين الشهيدين حسب رأي المالكي ، بينما يرى الصدريون أن المالكي يستهدف التيار الصدري كثقل سياسي وجماهيري في الساحة ويريد كسر شوكة جيش الإمام  ، اللذين لولاهما لما تمكن المالكي من تسنم منصب رئاسة الوزراء .
رغم أن ما صرح به المالكي عن جيش المهدي أو العصابات المارقة كما يحلو له أن يقول من جهة ، لا يدخل تماما تحت وصف راسب الطين الكامن في قاع البحر ، إذ أن العراقيين جميعا يعرفون ذلك ويلمسونه ليل نهار ، إلا أن صدوره من المالكي نفسه ، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة مبعث إندهاش وتعجب .
قال المالكي في الحوار التلفزيزني أن هناك دولة داخل الدولة ، جيش بجانب جيش الدولة يمتلك أسلحة متوسطة وثقيلة ، أجهزة أمن وقضاء وهيئات إدارية نصبت نفسها قيما على الناس وتتحكم في شؤونهم  وفق رؤى وأجندات خاصة تهدف الى عدم استقرار الوضع واستمرار التوتر واستنزاف إقتصاد البلد عن طريق التحكم بالموانئ ومنفذ العراق الوحيد على البحر .
مبعث الإندهاش والتعجب أن المالكي تأخر كثيرا  في ذلك وهو بالتأكيد كان مطلعا على الأمر قبل هذا الموعد ، فما الذي أخره ، وما الذي دفعه ؟
ما أخر المالكي جاء بأسلوب التصريح لا التلميح رغم خطورته على لسان الشيخ صلاح العبيدي ، الناطق الرسمي باسم السيد مقتدى الصدر حينما قال على نفس القناة قبل لقاء المالكي بيوم ، وذلك جوابا على سؤال عن سبب إحجامهم عن حل جيش المهدي الذي أصبح مطلبا ملحا ، أن جيش الإمام  يمثل عصا التوازن في المعادلة العراقية ، ويعلم المالكي الدور المهم الذي اضطلع به هذا الجيش عندما كانت الدولة لا تملك جيشا ولا شرطة .
لا يحتاج المراقب الى فكر ثاقب وتحليل رصين لكي يعلم  أن الشيخ العبيدي يعني بذلك المعادلة الطائفية والدور  الذي لعبه جيش المهدي في ترجيح كفة هذه المعادلة على حساب المدنيين العزل والمواطنين الأبرياء الذين تعرضوا الى أقسى حملة قتل وتشريد بعلم المالكي ودعمه الذي لم ينكره عندما قال تعليقا على دور الصدريين في تقلده لمنصبه رئيسا لوزراء العراق : أنا الذي احتضنت هذا التيار وضغطت على كل أطراف الإئتلاف الشيعي لإدخاله في القائمة وعندما استحكم الخلاف على عدد ممثلي كل فريق تبرعت لهم بخمسة من مقاعد حزب الدعوة .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق