بين السياسة والرياضة:

بالتأكيد هناك فرق بين الرياضة والسياسة ، كما قال الرئيس العراقي جلال الطالباني عندما سئل من قبل مذيع قناة العربية الفضائية عقب الفوز الباهر الذي أحرزه منتخب بلاده مباشرة : لماذا تنجح الرياضة في العراق وتفشل السياسة ؟ ، وفي الواقع ليس هناك فرق بسيط وإنما بون شاسع بين طبيعة كل منهما . السياسة كما هو معلوم منظومة مؤسساتية متكاملة لإدارة البلاد وقيادة العباد تشريعيا وتنفيذيا وقضائيا ، لها ما لها من دروب متشابكة وشؤون متداخلة وتفاصيل تأخذ بتلابيب أهلها وتنحدر بهم الى أسفل سافلين أو تسمو بهم الى ذرى المجد والخلود في ذاكرة الشعوب . أما الرياضة فهي نشاط بدني فردي لتربية الجسد وتصفية الذهن ، يدخل غالبا في غمار التنافس والتباري لأهداف تطورت من التباري حتى الموت لمتعة الملوك والحكام على عهد الإغريق والرومان والكثير من العصور المظلمة التي مرت على البشرية ، الى تجارة رابحة تتجاوز رساميلها المليارات في العصر الراهن ، مرورا باعتماد الرياضة أساسا في التأهيل البدني للجيوش والمقاتلين غير النظاميين على السواء .
ولكن الرياضة والسياسة يشتركان في الهدف هذه الأيام ويلتقيان في الأساس ، هدف راقِ يسعى الى إسعاد الشعوب وإدخال البهجة والسرور في نفوس المجتمعات ، ولكل من السياسة والرياضة وغيرهما من مختلف نشاطات الحياة الجماعية أساس واحد للنجاح والفشل : النجاح والقوة في الإتحاد . الفشل والوهن في الفرقة والإختلاف . هذا مبدأ بديهي أشرب به الناس عموما من خلال القصة الشهيرة لذلك العجوز الحكيم وهو ينصح أبناءه على فراش الموت ، بمثل العصي البسيط ، ولكن العظيم الدلالة ، وكيف أن كل واحد منهم استطاع أن يكسر العصا التي في يده وفشل في كسر العصي المجتمعة في حزمة واحدة ، وأوصاهم بناءا على ذلك وهو يلفظ أنفاسه الأخير : الإتحاد قوة . وقال تعالى في كتابه الكريم : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) .
هذا هو بالضبط سر حيرة سؤال المذيع : لماذا تنجح الرياضة وتفشل السياسة .. ؟ هذه تنجح وتتقدم وتسابق ذرى المجد لأنها متحدة وصادقة وهدفها العراق ، وتلك تفشل لأنها متنازعة الى حد العظم ومتفرقة الى حد الوريد وهدفها ليس العراق ، وإنما الطائفة والعرق ومصالح الغرباء .
وكان الرئيس العراقي قد أضاف في جوابه ما معناه : إن السياسة تسجل نجاحا تها أيضا في العراق ولكن تأثيرها لا يظهر كما هو الحال في الرياضة ، ولما سأله مذيع أخر في نفس الللقاء عبر الهاتف : أين ستستقبلون الفريق العراقي ، هل ستستقبلونه في مطار بغداد ؟ ، أجاب بسرعة كأنه تفاجأ بالسؤال : نعم سوف نستقبله في مطار بغداد ، ثم تدارك الأمر قائلا : إن لم نتمكن في مطار بغداد فسوف نفعل ذلك في مطار أربيل أو السليمانية وختم : بالأحضان والقبل .
ولكن أي طعم لقبل لا تكون في مطار بغداد سيدي الرئيس ، واي دفء في أحضان بعيدة عن ضفتي الكرخ والرصافة حيث ينساب الهوى من حيث ندري ولا ندري .
…..وللحديث صلة أخرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق