الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

أنا وابن عمي على أخي ، أنا وأخي على بعضنا البعض

إمتنع زعماء التحالف السني ( جبهة التوافق ، 44 عضو في البرلمان ) ، عن مقابلة الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد الذي زار العراق لمدة يومين ، الأحد والإثنين الماضيين  ، ومثلهم فعل ممثلوا جبهة الحوار الوطني ، ذات التوجه العربي القومي ( 11 عضو في البرلمان )  .لا شك أن لأولئك السياسيين مبررات معقولة ومنطقية – من وجهة نظرهم على الأقل – دفعتهم الى إتخاذ هذا الموقف ، فهم وقواعدهم الجماهيرية التي عانت من التقتيل والتهجير الطائفين على يد الميليشيات الرسمية وشبه الرسمية والخاصة ، السرية والعلنية ، إنتقاما لإرهاب استهدف الشيعة ، لا علاقة لهم به بل وأنهم لم يسلموا من بطشه أحيانا كثيرة ، يعتقدون وعلى نطاق واسع أن إيران هي المحرض والممول الرئيسي لتلك الجماعات ، وهو إنطباع يتفق معظم العراقيين  عليه ، والعرب يصرحون به جهارا نهارا ، والعالم  قد سلم به ، بل أن السياسات الإيرانية تبين بشكل جلي واضح أن لهم في العراق ذراعا طويلا مما حدا بالرئيس الإيراني نفسه قبل بضعة أشهر أن يصرح أن بلاده قادرة على ملأ الفراغ في العراق إذا انسحب المريكيون ، ولا يشذ عن هذه القاعدة إلا رئيس الوزراء نوري المالكي الذي ما فتأ ممتدحا الدور الإيجابي لإيران في العراق ومساهمتها البناءة لدعمه ومؤازرته ، قال ذلك في ايران وبوضوح أكثر أثناء زيارة الرئيس الإيراني الأخيرة ، وزاد على ذلك فمنح ايران دورا في تحقيق الأمن النسبي في البلد مؤخرا .بالمقابل فإن زعماء التحالف الحكومي الشيعي الكردي نظروا الى الزيارة كإنجاز رائد وفريد وتهللوا لها وبشوا بها ونشوا ، ودعوا قادة الدول المجاورة الى زيارة العراق أسوة بالرئيس الإيراني الشجاع الذي زار العراق علنا وحدد موعدا مسبقا قبل إسبوعين ورفض استخدام طائرة أمريكية للإنتقال الى المنطقة الخضراء من مطار بغداد الدولي ( طبعا لم يذكروا أن الرئيس الإيراني أقام ونام هنيئا مريئا في المنطقة الخضراء تحت حماية الأمريكيين ) ،  بينما لا يزور الرئيس الأمريكي العراق الا سرا ولساعات محدودات وينزل في قواعد عسكرية تابعة لجيشه العرمرم ويقلع منها  . ولم يفتهم بالطبع ان يمتدحوا تخصيص مليار دولار للعراق من قبل الجانب الإيراني لمشاريع الإعمار تنفذ عن طريق مقاولين ايرانيين ومن منتجات ايرانية ، دون أن يوضحوا للناس أن المليار دولار هي  نفسها التي تبرع بها وزير الخارجية الإيراني متكي أثناء زيار ته الى العراق قبل حوالي سنتين !!لا غرابة في الأمر ، هؤلاء يعتبرون أحمدي نجاد حليفهم وأولئك يحسبونه عدوهم والموقفان ينطلقان من هذه الثنائية الطبيعية وفق مقاييس المصالح ، الغرابة في أن يكون الموقف من زيارة أحمدي نجاد ، وهو الغريب على كل حال ، أو في أحسن الأحوال ليس سوى "إبن عم"  ايراني لا يرقى الى مصافي الأخ والشقيق العراقي ، الغرابة أن يكون الحكم بين العراقيين على أساس الموقف من هذه الزيارة، بدا ذلك واضح في تصريحات تهكمية لبعض المسؤوليين على بضعة عشرات لم تغفل عنهم كاميرات الفضائيات المغرضة ومقالات تهجمية تنضح بالطائفية والغل ، ومن عشرات المقالات أنقل لكم مقتطفين من إفتتاحيتين  لجريدتين بارزتين .الأول من جريدة البينة الجديدة بقلم رئيس التحرير تسائل باستغراب اين سترسو سفينتنا طالما كان فيها عناصر من التوافق يرفضون لقاء الرئيس الإيراني ولكنهم مستعدون لتقبيل أيادي الملك عبدالله ، ولا أدري لماذا يتصور السيد رئيس التحرير المحترم أن سفينة العراق مرهونة بلقاء الرئيس الإيراني أو تقبيل أيادي الملك عبدالله وقد استخدم كلمات لا تعمل الا على زيادة الشرخ الطائفي .أما فلاح المشعل رئيس تحرير الصباح فقد قال عن البعض المعترض على حدث الزيارة بأنه لا يملك مقدمات او توازنات بين الدولتين، وبهذا فانه يشبه اتفاق القوي مع الضعيف، وهكذا توصيف او مواقف تجسد امية صارخة في معرفة حقائق التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع السياسي ، وأرجو أن لا يكون هناك شخص  أخر غير السيد مشعل  يعتبر أن حقائق التاريخ والجغرافيا وعلم الإجتماع السياسي هي مجرد تجليات اللقاء مع الرئيس محمد أحمدي نجاد .





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق